سورة الإسراء - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


مَنْ ساعَدَتْه العنايةُ الأزليةُ حِفظَ عند معاملاته مما يكون وبالاً عليه يوم حسابه، ومَنْ أبلاه بحْكْمِه رَدَّه وأهمْهَلَه، ثم تركه وعَمَلَه، فإذا استوفى أَجَلَه عرف ما ضيَّعَه وأهمله، ويومئذ يُحْكُمِه في حالِ نفسه، وهو لا محالةَ يحكم بنفسه باستحقاقه لعذابه عندما يتحقق من قبيح أعماله... فكم من حسرةٍ يتجرَّعُها، وكم من خيبةٍ يتلقَّاها!
ويقال مَنْ حَاسَبَه بكتابه فكتابةُ مُلازِمُه في حسابه فيقول: رَبِّ: لا تحاسبني بكتابي.. ولكن حاسِبْنِي بما قلتَ: إِنَّكَ غافرُ الذَّنْبِ وقابلُ التوبِ.. لا تعاملني بمقتضى كتابي: ففيه بواري وهلاكي.


قوله جلّ ذكره: {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}.
قضايا أعمال العبد مقصورةٌ عليه؛ إنْ كانت طاعةً ففضياؤها لأصحابها، وإنْ كانت زَلَّةً فبلاؤها لأربابها. والحقُّ غنيٌّ مُقَدَّسٌ، أَحَدِيٌّ مُنَزَّهٌ.
قوله جلّ ذكره: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}.
كُلُّ مُطَالَبٌ بجريرته. وكلُّ نَفْسٍ تحمل أوزارها لا وِزْرَ نَفْسٍ أخرى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}: دلَّ ذلك على أن الواجبات إنما تَتَوَجَّهُ من حيث السمع.


إذا كَثُرَ أهلُ الفسادِ غَلَبُوا، وقَلَّ أهل الصلاح وفقدوا: فعند ذلك يغمر اللَّهُ الخَلْقَ ببلائه، ولا يكون للناس ملجأ من أوليائه ليتكلموا في بابهم، ولا فيهم من يبتهل إلى اله فَيُسْمَعُ دعاؤه، فَيَخْتَرِمُ أولياءَه، ويُبْقِي أربابَ الفساد، وعند ذلك يشتدُّ البلاءُ وتَعْظُمُ المِحَنُ إلى أن ينظرَ اللَّه تعالى إلى الخَلْق نَظَرَ الرحمةِ والمِنَّة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8